رائعة نجوى بن شتوان زرايب العبيد وتاريخ العبودية فى ليبيا

 

 

نجوى بن شتوان

12375980_943091655746820_966716694154338802_n
“جزء من ألمي منسوب إلى العائلة — عتيقه “
ملأت الدموع وجهي، بل أن بحر الصابري الذي ُكبت زرايب العبيد قربه ، سكب نفسه في عينيي وفاض، ورغم ذلك استطعت رؤية القضيب يتراجع إلى النار وعمتي  صبريه تقف عني وتتركني حطاما أمام آلة تعذيبها، بعدما توسلت إليها بتراب قبر أمي لتعفو عني، لم أك أظن أن تراب قبور الموتى قادر على حل مشكلة ونجدتي، وإلا كنت استعجلته  مراراً وتكرار قبل أن تدخلني قرون الفلفل  ويعذبني لهيبها الجحيمي حتى الموت، كنا نعرف بأن البنات الصغيرات تعرضن للعقاب به عندما يجرين بجنون صوب البحر، باكيات في هستيريا، ومع ذلك كان لدى الجميع نفس النية والعزم لقفل البنات التي فعل الفلفل بهن أفاعيله قبل أن تمسهن قضبان الرجال.
غادرنا السقف الخشبي لغرفة الطين، طاردتني سمرتي المنبوذة من أهالي بنغازي غير السود، حتى الذين هم للسمرة أقرب منهم للبياض حق لهم رفض سوادنا الغريب عن الساحل البحري الأبيض، أحسست أن ما قالته العجوز عن بشرتي زاد جسدي إعتاما حتى أظلم ظاهره وباطنه على السواء، وواصل السواد رحلته فعم بياض عيني وأسناني وقلبي الحليبي الصغير، زرع هناك حزناً أسوداً على شيء لم أفعله بنفسي، ولم أكن سبباً فيه على الإطلاق، على الإطلاق.
واجهتني بشرتي عند عتبة غرفة للاهم فأدرك  قلبي من هذه المواجهة القاسية حزن لن يغادر أعماقي ما حييت، ببساطة لأن أعماقي باتت هي أيضا سوداء منذ هذه الزيارة اللعينة المقصود بها وضع عذريتي في مأمن.
في الإرسالية تعلمت الكتابة والقراءة بالايطالية، تعلمت الحياكة واكتشفت أن العالم فيه أشياء مهمة تسعد القلب وتجعل الوقت ممتعاً، يمكن للإنسان أن يحذق عملها ويخرج بها من حياة الفقر المدقع في الزرايب، ثم لما بلغت مبلغ الفتيات قسمت الفتيات إلى خياطات وممرضات ومعلمات، والتحقت بفريق الممرضات لأني امتلكت مهارات تخفيف الوجع عن الناس وأحببت فعل ذلك مع الأطفال بخاصة .
صارت لي أمهات جدد، أحببتهن وتعلمت منهن وارتبطت بهن.
كانت أروع محبة قدمها لي قلب يوسف جيوسبي، ومن ذلك الوقت أصبحت ابتعد عن عالم الزرايب وادخل في عالمي الجديد، عالم اوسع  من عالمي الأول، مرتبط بالإنسانية ولا دخل له بتصنيف الإنسان إلى أسود وأبيض ولا قيمة فيه  لرابطة الدم، هذا هو أهم ما تفتحت عليه، إذ أنني لا املك أي روابط في مجتمع تتحكم فيه القربي.
رواية زرايب العبيد للكتابة القاصة الروائية الليبية نجوى بن شتوان ترفع الغطاء المسكوت عنه فى تاريخ العبودية فى ليبيا ذلك التاريخ الأسود الذى مازالت اثاره ماثلة حتى يومنا الراهن ، قصة حب عميقة بين السيد محمد وتعويضة تلك الخادمة القادمة من زرايب العبيد كيف هَام بها عشّقا وكيف كانت تلاحقه رائحتها وملمسها وصوتها اينما حّل ، تفاصيل لم تبرح خياله وتعويضة لم تغادر قلبه حتى فراش الموت.
نبذة عن الكاتبة …
نجوي عاشور بن شتوان  عضو هئية تدريس بجامعة قاريونس دكتوراة فى الانثروبلوجيا جامعه روما ، صاحبة الإصدارات الإبداعية المتنوعة : المعطف – الماء في سنارتي – وبر الأحصنة – مضمون برتقالي – الملكة – الجدّة صالحة وغيرها. حازت على عدة جوائز عربية مهمة  ،حائزة على جائزة  الرواية العربية الخرطوم عاصمة الثقافة فى العام 2005 ، حائزة على جائزة الشارقة للإبداع العربي فى مجال المسرح ، وجائزة مؤسسة هاى فسيستفال لأفضل 39 كاتبا عربيا للعام 2008.
مسرحية المعطف، عن وزارة الإعلام والثقافة الإماراتية 2003 ،  الماء في سنارتي عن منشورات المؤتمر2002 ، قصص ليست للرجال، مجموعة قصصية عن دار الحضارة العربية القاهرة ، وبر الأحصنة رواية عن دار الحضارة العربية القاهرة، 2006.،. طفل الواو مجموعة قصصية عن مجلس الثقافة العام ليبيا 2006 ،. مضمون برتقالي رواية عن دار شرقيات،القاهرة 2007 ،. الملكة، مجموعة قصصية عن مجلس الثقافة العام ليبيا 2008 ،. معرض رسم شخصي بالديوان الثقافي 2008 ،. الجدة صالحة مجموعة قصصية 2012 عن دار الخيال ، بيروت لبنان القصص المترجمة
قصة (الرحلة العفوية(  صدرت في كتاب ( القصة القصيرة الليبية المعاصرة) ترجمة إيثان شوين- منشورات الساقي – بالتعاون مع معهد دراسات الشرق الأوسط – قسم الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. – قصة (من سيرة البركة والبيانو(  صدرت 2009 (بيروت 39) عن دار نشر بلومزبيري. – قصة (فخامة الفراغ( صدرت 2011في عدد مجلة بنيبال 40 الخاص بملف الأدب الليبي. الجدة صالحة إلى اللغة الأسبانية ، الملكة الي اللغة الايطالية .
رواية زرايب العبيد باذخة فخمة لن تكون اثراء للرواية الليبية وانما ستكون فى مصاف الروايات العربية لانها رفعت الغطاء عن مئات الاعوام من العزلة الليبية والصور المغيبة.
 

أضف تعليقاً