رغيف الخبز المسروق

 

10294477_684587191608741_5713615406495151963_n

تدوينة نشرت فى موقع هافينغتون بوست عربي

تزداد الحرب شراسة فيزداد اللصوص نهبًا لقوت المواطن المتكئ على عكاز الجهل في وطن فارغة مدارسه وجامعاته من الطلبة، ومستشفياته من الأطباء والأدوية، ومطاراته من الطائرات والزوار، ومصارفه من العملة النقدية، ومؤسساته الحكومية التهمتها ألسنة النيران، وشبح البطالة يحوم فوق رؤوس العاطلين -عدا السلاح- والطرقات المتعطشة للأسلفت المقفلة بباقي ركام المباني هي التى ستلاحقك أينما اتجهت، ترافقها طوابير على محطات الوقود وطوابير أمام المخابز، يصطف فيها أبناء المدينة بإذلال، ويمارس فيها العنف اللامرئي على الأطفال تحت أشعة الشمس للحصول على رغيف خبز غابت عنه مواصفات الجودة حين نهب اللصوص دقيق المدينة، رغيف قَل جودته وأصبح هو حلم الكادحين كل مطلع صباح، غابت فيه ذرات الملح حين غاب الأحبة والجيران فى مواكب النازحين، وغاب الشباب في عمر الزهور بين مدافن القبور.
أزمة دقيق فى السوق السوداء..
ليبيا تطفو فوق رقعة جغرافية ما بين الساحل والصحراء، ولكنها بلد اعتمد على أن يكون مستهلكًا فقط؛ فخلال الأربعة عقود الدكتاتورية والأربع سنوات الدموية أُهدِرت المليارات من ثروتها ولم تُقم فيها مشاريع استثمارية للاستفادة من المساحات الشاسعة في الزراعة؛ فتربتها مناسبة لزراعة القمح والشعير والذرة ، ها هي اليوم تتناحر فيها حكومتان حكومة شرعية ضعيفة تعاني الغيبوبة في الشرق، وحكومة أزمة تفرض ما تريد بقوة السلاح في الغرب، وجنوب مهمش يعاني الشتات وسط تغلل التطرف والإرهاب.
بنغازي تحت الحرب وأزمة الكهرباء تعاني من نقص شديد في توفر الدقيق الذي بدوره تستمر به حركة المخابز لتوفير الخبز اليومي، في كل الحروب المستفيد الأول هم تجار السوق السوداء، المخازن على طول الساحل الشرقي تحت شهود العيان تمتلئ بكميات الدقيق فى غياب السيولة النقدية وارتفاع سعر الدولار واستحواذ التجار، فلن يمكنك الحصول على رغيف حتى بقيمة دينار.
ويبقى رغيف الخبز في وطني مغموسًا بالوجع والتعب لآخر كسرة ينتظر فيها سكان المدينة انتهاء الحرب وعودة النوارس، وهي تنتظر أبواق البواخر ترسو من جديد على رصيف الميناء.

أضف تعليقاً